خالد الجنفاوي: حكومة مُنْصِفَة وحازمة في تطبيق القانون

“نرغب في إعادة تعريف كلمة مُنْصِف لكي نمنح الناس إحساساً بأن لدينا رؤية لإنهاء القضية: اقتصاد محلي عادل ومنصف وأفضل, ومجتمع عادل يتحقق فيه الأمر التالي: “إذا عملت بجهد أكثر, ونفذت الأمر الصحيح سوف تكافأ” (ديفيد كاميرون- رئيس وزراء بريطانيا 2012- “التلغراف”).
ذكر رئيس وزراء بريطانيا أولويات حكومته للعام الماضي (2012)وحدد جدول اعمالها بالهدف التالي: تكريس الانصاف في العمل الحكومي وفي المجتمع البريطاني (Fairness). ولكن ما هو أكثر إثارة في تصريح كاميرون هو توكيده على التفريق بين “تطبيق الحزم والتحدث عنه فقط” في معالجة المشكلات والمعضلات المختلفة ! فلا عدل ولا إنصاف بلا حزم في تطبيق القانون وإظهار الحكومة الوطنية الرغبة في تسوية حقول التنافس الشريف بين أعضاء المجتمع.
وبالطبع لا مجال للمقارنة بين الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية البريطانية وبين ما يحدث في أجزاء معينة من الشرق الأوسط, ولكن على الأقل تستطيع الحكومات في الوطن العربي تكريس رؤى وبرامج حكومية واضحة المعالم ترسخ العمل الجاد وتكافأ الجهود الصادقة وتكافح بعض ظواهر المحسوبية والمحاباة في بلدانها. فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتحقق مجتمع ديمقراطي وعصري يرتكز على العمل الجاد والمخلص ويتمثل في الالتزام الوظيفي واحترام القانون والايفاء بمسؤوليات وواجبات المواطنة الحقة ما لم تتخذ الحكومة خطوات حازمة وفعلية للقضاء على أي مظهر من مظاهر تعارض المصالح والمحسوبية والمحاباة والاستحواذ اللاقانوني والاحتكار التجاري والتسيب الوظيفي, بمعنى آخر, لن تواكب أي حكومة ما يحدث في عالم اليوم ما لم توفر برنامج عمل واضحا يتبعه تطبيق فعلي وحازم لأهداف تنموية واقتصادية وتعليمية تنفذ بسرعة وتنشل المجتمع المحلي من قعر التخلف الاقتصادي والثقافي لكي يواكب ما يحدث من تطورات هائلة في عالمنا المعاصر.
والحكومة المُنصفة التي ستكافح المحسوبية والمحاباة وتحرص على مكافأة العمل الجاد والمخلص هي الحكومة التي تقلق فعلاً على حاضر ومستقبل مجتمعها. في خضم ما يحدث حالياً من منازعات وفتن وقلاقل في أجزاء معينة في الشرق الأوسط. الحكومة الذكية هي بالضبط الحازمة في تطبيق القانون وهي من ستغتنم الفرص المواتية لتعديل أوضاعها المحلية ومجاراة ما يحدث في عالمنا المعاصر والديمقراطي. فلم يعد يتحمل عالمنا اليوم والمتجه بخطوات متسارعة إلى تكريس الديمقراطية بقاء مظاهر تجاوز القانون على حساب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص للجميع. فلعل وعسى.

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.